الدكتور محمد إقبال الخضر
this site the web

قصة الهدهد وطائر النور Story of hoopoe and bird light




قصة
الهدهد وطائر النور



تأليف
الدكتور محمد إقبال الخضر
2005


الإهداء
إلى كل الشجعان الذين قرروا التغيير ......
إلى كل الباحثين عن النور ....
إلى كل المخلصين الذين لم يجدوا الطريق بعد ...

وقف الهدهد على مكان مرتفع في الغابة، حيث يقف أمامه كل طيورها، ثم بدأ كلامه بشكره لهم تلبية دعوته للاجتماع لمناقشة أمر خطير.
أيها الإخوة الكرام، أشكر لكم استجابتكم الكريمة لدعوتي التي أردت فيها لكم الخير العميم، وهذا عهدي بكم دوما ساعين للخير والمحبة والنور، رغم كل ما نعيشه في الغابة من ظلم وظلام. 
طائر الغراب قاطعه قائلا له:لا تضيع وقتنا أيها الهدهد، منذ يومين نشرت إعلانا في الغابة تطلب منا فيه أن نجتمع لكي نناقش أمراً خطيراً... أخبرنا ما هو، ولا تضيع وقتنا؟ألا يكفينا ما نعيش فيه؟ إن مدحك لنا لن يعيد لنا حياتنا الهنيئة التي فقدناها في الغابة.

قال الهدهد: اصبر يا صديقي،أنا أحببت أن أشكركم لأنكم لبيتم الدعوة رغم الظروف الصعبة التي نعرفها جميعاً، والأمر جد خطير ويستحق منكم جميعا الصبر والجلد.
قال الغراب: أسرع أسرع ما هو الأمر الخطير؟
قال الهدهد (محاولا التكلم بهدوء): كلكم ببساطة يعلم الحالالتي وصلنا إليهافي الغابة  منذ زمن, وكلكم يعلم كيف انتشر فيها الظلم والظلام, وكلكم يعاني من هذا الظلم والظلام،  وكلكم يعلم كم مرة حاولنا التخلص من الظلم والظلام من دون جدوى، ففي كل مرة ومع كل محاولة كان وضعنا يزداد سوءاً.
قاطعه الغراب بأسى وحدة: تبت يداك! ألهذا جمعتنا؟ قد مللنا هذا الأمر ولن نعود إليه مرة أخرى، ولن نحاول محاولة حمقاء أخرى. في كل مرة كنت أنت وأشياعك تورطوننا بمغامرة حمقاء، وتعدوننا زوال الظلم والظلام، وفي كل مرة يصبح حالنا أسوأ وأسوأ. لن نسمح لك أن تعبث بنا مرة أخرى. لقد حكم القدر علينا أن نعيش الظلم والظلام, وستبقى الغابة تعيش  الظلم والظلام إلى الأبد، فلا تفتح جروحنا مرة أخرى.
 قال له الهدهد:اصبر يا أخي هنالك أمل...
ولكن الخفاش صاح قائلاً: لا يوجد أمل, حاولنا عدة مرات ولم نستطع أن نصل إلى حل، لقد انتهى الأمر.
قال الهدهد: اصبروا يا أخوتي في هذه المرة لدي شيء جديد لكم.
تشجع عصفور الدوري الصغير وقال: حسناً أخبرنا ما هو الشيء الجديد؟
قال الهدهد: أيها الأصدقاء، أنا جمعتكم لأنني رأيت جدي الكبير في رؤيا طيبة مباركة، وكلكم يعلم من هو جدي الكبير،الهدهد الكبير الذي كان يرافق نبي الله سليمان عليه السلام، والذي اقتبس منه الحكمة.
جميع الطيور قالت: نعم سمعنا بجدك الكبير،لكن ما علاقته بحالة الظلم والظلام التي وصلنا إليها، ثم إن جدك توفي منذ زمن بعيد، فما أدراه بحالنا.
قال الهدهد: جاءني جدي في الرؤيا وقال ن نجتمع لكي نناقش أمراً أن  لي: إذا أردت أن تتخلص من الظلم والظلام فخذ رفاقك إلى وادي النور، حيث يوجد طائر يشع نورا اسمه (النور)، وبمجرد أن تصلوا إلى وادي النور وتلتقوا طائر النور هذا تصبحون نورانيين مثله وتمتلكون السعادة الأبدية.
جميع الطيور قالت بلهفة وفرح: نعم طائر النور، فكرة جميلة, ثم ماذا؟
قال الهدهد: لا شيء فقط جدي قال لي: عليك أن تخرج رفاقك من الغابة وتذهب بهم   إلى أرض النور،وهناك تنتهي كل معاناتكم.فيا أخوتي دعوتكم لنترك الغابة ونذهب إلى أرض النور لنلتقي طائر النور ونقتبس من نوره ونشع نوراً مثله ونتمتع بالسعادة الأبدية.
جميع الطيور قالوا: حسنا حسنا, نحن نثق بك وبجدك هيا بنا خذنا إلى أرض النور.
قال الهدهد: لحظة واحدة يا أخوتي لحظة واحدة, تمهلوا, جدي أخبرني أن هناك شرطايجب أن تعلموه قبل المغادرة.
قالت الطيور: وما هذا الشرط؟
قال الهدهد: قال لي جدي: لكي تصل برفاقك إلى أرض النور عليكم أن تقطعوا سبعة وديان.
قفز الشاهين ووقف إلى جانب الهدهد وقال: سأقطعها ولو كانت سبعين.
الهدهد يعلم المعاناة التي يعيشها الشاهين في الغابة، فقد مرغت كرامته مرات في أرضها، ويعلم يقيناً أنه على استعداد أن يقطع الوديان ولو كانت سبعين، ولكن!
قال الهدهد: أشكرك يا صديقي, لكن هناك مشكلة!
أنثى الشاهين قفزت ووقفت إلى جانب الهدهد وقالت له أصبحنا ثلاثة...لا توجد مشكلة... سنذهب ولو كانت سبعين وادياً.
قال الهدهد: لا لا لا, هي سبعة وديان فقط, لكن ليست هذه المشكلة. المشكلة أن جدي أخبرني أنه في كل واد يوجد سرٌمخبوء فيه، إن لم نستطع حل هذا السر فلن نستطيع الانتقال إلى الوادي الذي يليه.
أحد الطيور قال بكل بساطة: حسناً،إن فشلنا فسنعود ولن نخسر شيئاً.
قال له الهدهد: هنا المشكلة يا عزيزي, جدي أخبرني: إن فشلتم في فك سر أي من الوديان فستبقون أسرى فيه وربما إلى الأبد.
بدأت الطيور تشعر بالقلق...، وبعضهم قال: لا, لسنا على استعداد أن نخرج من ظلم الغابة وظلامها لكي نعيش باقي حياتنا أسرى في أحد الوديان،هذا أمر غير مقبول.
قال لهم الهدهد: ولكن إذا نجحنا فسنتمتع بالسعادة الأبدية.
قفز الباز بهمته المعهودة عنه ووقف إلى جانب الهدهد وقال: أنا معكم.
قال الهدهد أمتأكد يا صديق عمري؟
قال له الباز: نعم, ألا تذكر أغنيتي الخالدة التي أرددها دوماً في الغابة؟
فعلا تذكر الهدهد وتذكرت جميع الطيور أن الباز كان دوماً يردد نشيداً في الغابة، يقول فيه:
أنا الباز أعلو طيور السماءوأحمل عشي بقلبي الجريح
ولست أصاحب إلا الضياء ولي عالمٌ في المعالي فسيح
ويوماً سأعبر حدود الفضاء وأغرق في النورِ كي أستريح
الباز قائلاً للهدهد: إن رؤياك تنطبق مع حلمي, أنا معك, سأذهب سأذهب.
قال له الهدهد: ولكن هناك مشكلة... الوديان السبعة!!! 
قال الباز: لا مشكلة، لا أسوأ من البقاء في الغابة.
قال الهدهد: ولكن إذا فشلنا في حل لغز أي من الوديان فسنبقى أسراه وربما إلى الأبد.
قال الباز: سأحاول, سأحاول, لن أبقى في هذه الغابة، وبدأ ينشد:
أنا الباز أعلو طيور السماءوأحمل عشي بقلبي الجريح
ولست أصاحب إلا الضياء ولي عالمٌ في المعالي فسيح
ويوماً سأعبر حدود الفضاء وأغرق في النورِ كي أستريح
فرح الهدهد وقال لباقي الأصدقاء: هيا, من يذهب معنا؟
كانت مفاجأة الهدهد صاعقة له، فغالبية الطيور رفضت الذهاب!
البلبل الصغير الذي منع من التغريد في الغابة قفز ووقف مع الهدهد والشاهين والباز، وقال: أنا معكم.
نظر الهدهد إليه وقال:يا صديقي الرحلة شاقة وأنت لن تستطيع ذلك!
قال البلبل: سأحاول, لن أبقى في الغابة, لقد منعت من التغريد, ولا أطيق الحياة من دونه، لن أبقى في الغابة.
فرح الهدهد بإصرار صديقه البلبل، وخاصة أن بعض الطيور بدأت تتشجع وتقف إلى جانب الهدهد وأصدقائه الموافقين على المضي في الرحلة. ولكن عددهم كان أقل من النصف.
صدمة الهدهد كانت كبيرة... فغالبية الطيور رفضت الذهاب, كان يقول لهم: إذا وصلنا إلى أرض النور وقابلنا الطائر النوراني واقتبسنا نوره فسنعيش السعادة الأبدية... وسنصبح نورانيين مثله.
لكن الطيور المتقاعسة كانت تقول له: وإذا علقنا في أحد الوديان؟
يرد عليهم الهدهد: إذا علقنا في أحد الوديان فسنبقى أسرى فيه وربما إلى الأبد, ولكن ماذا لو لم نعلق؟ ماذا لو نجحنا؟ سنتخلص من الظلم والظلام إلى الأبد.
يقولون له: وإذا علقنا في أحد الوديان؟ 
واستمر الجدل بينهم، الهدهد يذكرهم بالنور،وهم يكررون: وإذا علقنا في أحد الوديان؟
قال الهدهد: حسناً, أنتم الآن في أسوأ وضع, تعانون الظلم والظلام, فلم لا تحاولون؟
بعض الطيور قالت: لا, الظلم والظلام أفضل كثيراً من أن نعيش بقية حياتنا سجناء في أحد الوديان.
وهكذا استمر الاجتماع طيلة الليل.الهدهد يحاول أن يقنعهم فيذكرهم بالأمل الموعود, وهم يقدمون مخاوفهم على آمالهم.
الشاهين قال للهدهد: يا صديقي ثق بخبرتي لن يقتنع إلا من قد اقتنع, لقد أفضت لهم بما فيه الكفاية، تخلَ عنهم, دعهم وما يعتقدون.
قال الهدهد: كيف أتخلى عن أصدقائي, يجب أن نذهب جميعاً. جدي قال لي يجب أن تقود الرحلةوتأخذ أصدقاءك... قال لي يجب أن توصل طيور الغابة إلى أرض النور لكي يتخلصوا من الظلم والظلام ويتمتعوا بالنور الأبدي والسعادة الأبدية...
ولكن مع مرور ساعات الليل الثقيل، اقتنع الهدهد أن لن يؤمن له إلا من قد آمن.
ومع بداية التباشير الأولى للفجر أقلع الهدهد برفقة سرب من رفاقه الطيور الذين وافقوا على الرحيل معه، وغالبية الطيور بقيت في الغابة ورفضت المغامرة, لكن الأقلية وهي بضع آلاف من الطيور وافقت وأقلعت مع الهدهد باتجاه أرض النور.
بدأت الطيور تعلو وتعلو في السماء، لا تعرف وجهة محددة لها، حتى وصلت إلى ارتفاع شاهق في السماء الصافية المشمسة المنعشة.
وهنا الشاهين يسأل الهدهد: حسناً أيها الهدهد, ها قد انطلقنا وتركنا أصدقاءنا المتخاذلين في الغابة ونسيناهم، أين وجهتنا الآن؟
الهدهد، لم ينسَ أصدقاءه، كان حزينا وقلقا ومتوترا, متسائلاً لماذا لا يغامرون؟ ألا يكفيهم النور الأبدي والسعادة الأبدية؟
الشاهين عاد مذكراً الهدهد: حسناً يا صديقي دلنا على الوادي الأول, أين الوادي الأول؟
الهدهد قال له: لا أعلم.
الشاهين: كيف لا تعلم؟ ألم يقل لك جدك في الرؤياأنه عليك أن تأخذ الطيور من الغابة إلى أرض النور،وأن تعبر بهم الوديان السبعة،وفي كل وادٍ هناك سر؟!... فكيف لا تعلم أين الوادي الأول؟!
أجاب الهدهد بهدوء شديد: لا أعلم, جدي لم يخبرني شيئا, قال لي فقط خذ الطيور إلى أرض النور،واعبر بهم سبعة وديان،وفي كل وادٍ هناك سر, ولن تستطيع الانتقال إلى الوادي الثاني إلا إذا حللتمسر الوادي الأول،وإذا فشلتم في أحد الوديان فستبقون سجناء فيه وربما إلى الأبد.
تكلم الشاهين مع الهدهد بلهجة حازمة وقال: يا صديقي, تقصد أنك لا تعرف أين الوادي الأول؟قال الهدهد: لا لا، أعرف.
سمعت باقي الطيور حوارهما فقالت للهدهد: حسنا ماذا سنفعل الآن؟
 قال الهدهد: لا أعرف, جدي لم يخبرني أين الوادي الأول...!
بدأت الطيور تتناقش فيما بينها, ثم قالت:حسناً لنحلق في كل واد نراه وننزل فيه لعله يكون هو الوادي الأول؟ وفعلا بدأت الطيور تنفذ ما اتفقت عليه... وعندما شاهدوا أول واد أمامهم نزلوا فيه... وجابوا به علَّهم يعثرون على ما يدلهم على أنه الوادي المطلوب. لكن دون جدوى، حيث صعدوا وهبطوا و وو... لا شيء...
خرجوا منه، ثم دخلوا واديا ثانيا، وفعلوا الشيء نفسهحيث جابوا الوادي ذهاباً وإياباً يصعدون ويهبطون ولكن من دون جدوى،ثم دخلوا واديا ثالثاولكن من دون جدوى, ثم دخلوا واديا رابعافلم يشاهدوا شيئاً غريباً فقرروا الخروج للبحث عن واد خامس.
وفجأة وهم يخرجون، فإذا بقوة غريبة تعيدهم إلى الوادي... السرب كلهبضع آلاف من الطيور تحاول الخروج من الوادي، ولكن قوة غريبة تعيدهم إليه...
صرخ الهدهد فرحاً: أيها الأصدقاء، هذا هو، هذا هو، صدقوني هذا هو.
وفعلا حاولت بعض الطيور أن تخرج من منفذ آخر من الوادي فإذا بالقوة الغريبة تعيدهم إلى بطن الوادي،دون أن يستطيعوا الخروج منه... فأدركوا أن هذا هو الوادي الأول.
قالوا:حسناً أيها الهدهد، الآن أخبرنا ما هو سر هذا الوادي لكي نحله ونخرج سالمين؟
الهدهد أجاب بكل حذر: السر!... لا أعرف أي سر, جدي لم يخبرني شيئاً،كل ما قاله  لي: عليك أن تأخذ الطيور إلى أرض النور، التي ستصل إليها إذا استطعت أن تعبر بهم سبعة وديان، وفي كل واد هناك سر إذا استطعتم أن تحلوا السر فستصلون إلى الوادي الذي يليه، وإذا فشلتم في معرفة السر فستبقون سجناء هذا الوادي وربما إلى الأبد.
أحد الطيور قال بغضب: لقد ورطتنا! تقصد أن تقول إنك لا تعرف طريق الوديان السبعة، ولا تعرف ما هي أسرارها؟
قال الهدهد: لا, جدي لم يخبرني شيئاً.
قالوا له: لقد علقنا الآن في الوادي،ولم يعد بإمكاننا العودة.
قال الهدهد: يبدو ذلك, لم يعد هناك مجال للعودة.
قالوا: إذاً ماذا نفعل؟!
قال الهدهد: ليس أمامنا إلا أن نبحث عن سر الوادي بأنفسنا حتى نستطيع الخروج منه.
وفعلا اقتنعت الطيور،وبدأت تبحث عن سر الوادي الأول.
فراحوا يجوبون ويبحثون في الوادي. كان وادياً قليل الهواء معدوم الماء والغذاء, شعروا فيه بوحشة شديدة, كانوا يبحثون في كل فجوة، وتحت كل صخرة، لكن... لا يوجد شيء... لا يوجد شيء.
الهدهد تذكر فجأة شيئاً وقال لهم: انتظروا انتظروا، صحيح أنَّ جدي لم يخبرني شيئا عن الوديان، لكنهأخبرني فقط أسماء الوديان لا أكثر، الآن تذكرت ذلك. لقد قال لي إن الوادي الأول اسمه وادي الطلب.
وادي الطلب! الطيور تردد اسم الوادي باستغراب وذهول، ماذا يعني ذلك؟ لا أحد يفهم شيئاً. الكل مستمر بالبحث لساعات وساعات من دون جدوى. بدأوا يشعرون بالتعب والقلق, كلهم تقريباً بدأ ينظر إلى الهدهد بشيء من الغضب والحنق. وبعضهم قالها صراحة: لقد ورطتنا أيها الهدهد, لقد علقنا في الوادي الأول, وأنت لا تعرف ما هو سر الوادي ولا تعرف كيف نخرج من الوادي, لقد ورطتنا, كان يجب أن تقول لنا في الغابة إنك لا تعرف شيئاً, أدخلتنا في تجربة من دون أن تعرف ما هي الخطوة الثانية.
شعر الهدهد بالحرج الشديد والندم العميق، شعر بثقل المسؤولية، حقيقة لقد ورطهم...
 لكن فجأة،لمعت في ذهنه فكرة, قال لهم: لحظة لحظة, نحن عثرنا على الوادي الأول, وهذا أول انجاز لنا، أليس كذلك؟ قالوا نعم، لكن ثم ماذا؟
قال الهدهد: ربما يكون جدي قد أعطاني سر الوادي من دون أن أعرف.
قالوا له كيف؟
قال الهدهد: ربما يكون سر الوادي في اسمه (وادي الطلب), ما رأيكم؟
قالت الطيور: ربما, لكن ماذا يقصد باسم الوادي؟ ماذا يقصد بالطلب؟ لم نفهم شيئاً!
قال لهم الهدهد: تعالوا نبحث عن سر الوادي في اسمه. 
وفعلا بدؤوا يبحثون ويبحثون... ثم اجتمعوا حول الهدهد وراحوا يفكرون.
أحد الطيور قال للهدهد:لحظة لحظة تذكرت شيئاً, ألا تذكر عندما كنا صغاراً في المدرسة أن أجدادنا ومعلمينا كانوا يقولون لنا إذا طلبتم شيئاً فأجملوا؟ ألا تتذكر أحد الحكماء عندما علمنا قال لناإننا علينا أن نحدد الطلب عندما نطلب؟
قال الهدهد: نعم،أتذكر ذلك ونحن قد حددنا الطلب, نحن ذاهبون إلى أرض النور.
وهنا انتبه الهدهد وقال لهم: أيها الأصدقاء مَنْ الذي لديه طلب واحد فقط وهو النور؟
قالت الطيور جميعاً:نعم كلنا نريد أرض النور.
قال الهدهد: هل منكم من لديه أهداف أخرى غير النور؟
قال بعضهم: نعم لدينا أهداف أخرى, ولم لا؟
 هنا تنبَّه الهدهد إلى ما يقصده جده بوادي الطلب،وما علمه الحكماء والمعلمون, كلهم تذكروا (إذا طلبتم فأجملوا)، جدي يقصد: حدد هدفك.
قال لهم الهدهد:إن سر الوادي أن نتخلى عن كل أهدافنا إلا النور، يجب ألا يبقى لنا إلا هدف واحد وهو الوصول إلى النور.
قالت بعض الطيور: لا, إننا نريد النور ونريد أشياء أخرى.
قال لهم الهدهد: لا،أبداً! انتبهوا, إذا حصلتم على النور ونلتم السعادة الأبدية، فلن تحتاجواإلى شيء آخر بعده، عليكم أن تكتفوا بهدف واحد.
اختلفت الطيور فيما بينها، فيما الهدهد كان يطوف عليهم واحداً واحداً، ينبههم على ضرورة التخلي عن كل ما دون النور. فوافقه قسم من الطيور، وخالفه قسم آخر، وللأسف الشديد كانت الأغلبية ممن قال لا لن نتخلى عن باقي أهدافنا، نعم نحن نريد النور، ولكن نريد أشياء أخرى أيضاً. لقد خرجنا من الغابة لعدة أهداف.
أصرَّ الهدهد على أن حكماءنا علمونا أنك لن تنجز هدفاً إلا إذا ركزت عليه هو فقط، وإذا حصلتم على النور فستحصلونعبره على كل شيء، ألا تكفيكم السعادة الأبدية...؟
استمر النقاش والصراع والخلاف، حتى حدث شيء مفاجئ!
فقط وفقط الطيور التي تخلت عن كل الأهداف ولم يبق لديها إلا هدف واحد وهو النور،   بدأت قوة غريبة ترفعها وتخرجها من الوادي الأول وتدخلها إلى واد ثان...
كان الهدهد مع الذين خرجوا من الوادي الأول، يرتقي شيئاً فشيئاً من دون إرادة منه ويدخل إلىالوادي الثاني.لكنه كان يلتفت إلى أصدقائه: يا إلهي لماذا حدث هذا؟! غالبية الأصدقاء بقوا سجناء في الوادي الأول وربما إلى الأبد! كان يشير إليهم بجناحه الأيمن أن تعالوا والحقوا بنا، آمنوا بما آمنا به، لكن من دون جدوى.
صرخ بهم: انظروا، لماذا لم تستوعبوا؟! ألا يكفيكم النور؟! لماذا تريدون أهدافا أخرى؟!
.
.
.
غابوا عن عيني الهدهد، الذي استمر يردد بحزن مشوب بالغضب: ألا يكفيهم النور، لماذا يريدون أهدافا أخرى؟
كانت الطيور التي خرجت من الوادي الأول متوترة وقلقة, ولكن في الوقت نفسه كانت فرحةلأنها خرجت من الوادي الأول، وهذا ثاني إنجاز مهم لها. ولكن الهدهد كان ساهم الوجه حزينا، مذهولاً مما حصل.
الشاهين وبقوة شخصيته وتركيزه على هدفه قال له: يا صديقي عليك أن تنسى، لقد  اختاروا خيارهم الذي استحسنوه.
قال الهدهد: كيف أنسى؟أكثر من نصف الأصدقاء بقوا في الغابة ورفضوا المغامرة، وفي الوادي الأول خسرنا أكثر من نصف الذين قبلوا المغامرة. ماذا سيحدث بنا في بقية الوديان؟ مازلنا في بداية الرحلة! أصبحنا الآن أقلية! فقط نحن بضع مئات لا أكثر! لماذا لماذا لم يفهموا؟! ألا يكفيهم النور...؟
أجاب الشاهين ضاحكاً: علّ وعسى أن يفهموا يوماً ما،ويخرجوا من الوادي. المهم الآن أننا دخلنا إلى الوادي الثاني, ما هو سر هذا الوادي؟ أخبرنا بالله عليك!
قال الهدهد: صدقني لا أعلم شيئاً، لماذا لا تصدقونني، أعلم أني قد ورطتكم، وأني قد أدخلتكم تجربة صعبة، ولكن هدفي كان خلاصكم. وقد أنجزنا شيئا عظيما حتى الآن، الجزء الأهم قد أنجزناه، لقد عرفنا بداية الطريق، ألا يهمكم هذا؟
 قالت الطيور للهدهد: نعم هذا أمر مهم، ولكن كما تعلم لا رجعة لنا، فعلينا المتابعة مهما كان الثمن، وأنت الآن تقول لنا إنك لا تعلم شيئا عن هذا الوادي الثاني الذي نزلنا فيه.
قال الهدهد: حقيقة لا أعلم, كل الذي قاله لي جدي إن اسمه وادي العشق.
بدهشة قالت الطيور: وادي العشق! واد أجرد مليء بالصخور، خال من الماء والغذاء، مع قليل من الهواء... ويسميه جدك وادي العشق؟! أي عشق هذا؟!
قال الهدهد غاضباً: لا أعلم لا أعلم... لا أحد يسألني شيئاً.
كان الهدهد حزينا جداً على أصدقائه الذين لم يفهموا سرَّ الوادي الأول، فتركته بقية الطيور وحيداً وبدأت بالبحث في ثنايا الوادي علَّها تجد شيئا يدلها على سره، ولكن من دون جدوى. فالوادي كان خاليا من أي أثر قد يدل على فكرة ما.
عادت الطيور والتفت حول الهدهد, أحد الطيور قال له: بصراحة الآن أدركنا حقيقة أنك قد ورطتنا.
قال له الهدهد في الوادي الأول عرفنا أنه وادي الطلب، وعرفنا سره من اسمه، ماذا لو كان الوادي الثاني كذلك، سره في اسمه؟ لماذا لا تبحثون في اسم الوادي علَّكم تصلون إلى فك السر؟
تنبه الهدهد وهو يكلمهم هذه الكلمات وقال: ألا تذكرون ونحن صغار، عندما كنا ندرس تعليمات جدي الحكيم،أن معلمينا قالوا لنا: عليكم أن تعشقوا هدفكم حتى تصلوا إليه؟ ألا تذكرون أنهم كانوا يقولون لنا: لا يكفي أن تطلب الهدف, عليك أن تعشقه...؟
أدرك الهدهد وهو يتذكر هذه الكلمات سر الوادي الثاني، وأصبح يدور بين الطيور ويقول لهم تذكروا مقولة جدي:
ليس الحرام أن تنظر إلى وجه الحبيب, الحرام ألا يكون لك حبيب تنظر إليه
اعشق هدفك... تحصل عليه.
وحصل كما في الوادي الأول, فجأة فقط وفقط الطيور التي استطاعت أن تحول هدفها من فكرة إلى حالة عشق هي التي بدأت تخرج من الوادي.قوة غريبة تدفعها وترسلها إلى الوادي الثالث.
الهدهد هذه المرة أيضاً كان مصاباً بالذهول, ففي هذا الواديأيضاً فقدَ نصف الأصدقاء،  خسرهم أسرى وربما إلى الأبد.
قال الشاهين ضاحكاً: يا صديقي لم يستطيعوا أن يعشقوا الهدف وهم فقط يريدونه, فلماذا أنت حزين؟
قال الهدهد: كيف؟! هؤلاء الذين تخلوا عن كل شيء إلا النور, ألا يستطيعوا أن يعشقوا هذا النور... احتار الهدهد في أمرهم... لكن الرحلة يجب أن تستمر.
 في الوادي الثالث أخرجت الطيور الهدهد من ذهوله وصمته وحزنه وقالوا له: دعنا نهتم بأنفسنا, ما خسرناه قد خسرناه, ربما يوماً من الأيام يفهمون ويخرجون.
قال لهم الهدهد: وربما لا يفهمون ويبقون سجناء الوادي إلى الأبد...
المهم ما اسم الوادي الثالث؟ سألوه باستعجال وقد بلغ منهم التعب والخوف مبلغه.
قال الهدهد: لا أحد يسألني عن شيء، كل ما أعلمه أن جدي قال لي إن اسمه وادي المعرفة.
ضحكت بعض الطيور بخفة وصمت وقالت: ها... المعرفة، أيوجد معرفة في وديان جرداء؟! أي معرفة هذه؟!
استمر الهدهد بصمته وانطوائه على نفسه، ولم يرد عليهم رغم أنه سمعهم يتهكمون.
باقي الطيور بدأتبالبحثعن سر الوادي.
لكن الحمامة استوقفتهم فوراً وقالت لهم: تعالوا تعالوا, لا تعذبوا أنفسكم، يبدو جلياً أن أسرار الوديان في أسمائها وليس في جنباتها، فلا تبددوا جهودكم دون طائل، تعالوا نبحث في سر المعرفة ذاتها.
وفعلا التف الجميع حول الحمامة وبدؤوا يتساءلون, كيف نحصِّل المعرفة؟ بعضهم قال المعرفة تأتي من الأجوبة والأجوبة هي المعلومات, فإذا حصلنا على المعلومات حصلنا على المعرفة.
هنا تذكر طائر الباز شيئاً فقال: نعم المعرفة تأتي بالجواب, ولكن لا جواب من دون سؤال, فإذا أردتم المعرفة فعليكم بالسؤال.
اقتنعتالطيور كلها بكلام الباز، ففرح الهدهد لأنها المرة الأولى التي يتفق فيها الجميع. المعرفة تأتي بالسؤال، كلام جميل اتفق عليه الجميع، وجلسوا ينتظرون حدوث ما حدث في الواديين السابقين. ولكن بضع ساعات مضت ولم يحدث شيء...
الهدهد يكلم نفسه بصمت: يا إلهي! هل أخطأنا؟ نعم المعرفة تأتي بالمعلومات, لكن المعلومات والأجوبة لا تأتي إلا بالأسئلة, إذاً جوهر المعرفة هو الأسئلة, وأصبح يردد هذه العبارة "جوهر المعرفة هو الأسئلة" ثم قفز من مكانه صارخاً: يا لنا من أغبياء, نحن اتفقنا على أن المعرفة تأتي بالأسئلة, قالوا له: نعم, قال ولكن نحن لم نطرح أي أسئلة!
وبالفعل بدؤوابطرح الأسئلة... سؤال إثر آخر، من دون جدوى... لم يحدث شيء.
الحمامة الصامتة، تكلمت بهدوء ورزانة أذهلت الجميع قائلة: أنا لدي سؤال, التفتوا إليها وقالوا لها: ما هو؟ قالت لهم: نحن نخرج من وادٍ إلى آخر ولا نعلم في أي اتجاه نذهب, نحن لا نعلم أين يكمن النور! هل هو هنا أم هناك أم هناك أم هناك لا نعلم أين يكمن النور؟ لا نعلم إلى أين نحن ذاهبون؟
انتبه الهدهد إلى خطورة هذا السؤال وقال لهم: أيها الأصدقاء، هذا سؤال عميق يُحصِّلُ المعرفة, أجيبوا عنهلعله يكون حلاً لسرنا!
وفعلا مرت بضع ساعات, فقط وفقط الطيور التي عرفت أين يكمن النور، قامت القوة الغريبة برفعها إلى الأعلى وإدخالها إلى الوادي الرابع.باقي الأصدقاء بقوا سجناء الوادي الثالث وربما للأبد...
في الوادي الرابع بدا الهدهد شجاعاً متماسكاً، وقال: لن أحزن عليهم, هم الذين حددوا الطلب وتخلوا عن كل شيء إلا النور, وهم الذين عشقوا النور، ولم يعلموا أين يوجد، إذا هم لم يستحقوه بعد، أيها الأصدقاء، أهلا بكم في الوادي الرابع وادي الحكمة.
أحد الطيور قال له: وادي الحكمة؟! في هذا الوادي الأجرد يوجد حكمة؟! ألا تكفينا المعرفة؟!
قال الهدهد: يبدو أنه لا تكفينا المعرفة ونحتاج إلى الحكمة, فهيا تشجعوا وتفاءلوا وابحثوا عن سر الحكمة.
الهدهد هذه المرة تعلَّم الدرس، لم يعد يشفق على الأصدقاء الذين فشلوا في الخروج من الوادي... بكل بساطة قال للجميع: انسوهم... لهم خيارهم ولنا خيارنا... إن كانوا قد استطاعوا تحمل مشاق المغامرة وقبلوا بها، ودخلوا الوادي الأول وحددوا الطلب،وفي الوادي الثاني عشقوا طلبهم،ودخلوا الوادي الثالث... لماذا لم يعرفوا أين يكمن النور؟! لن أشفق عليهم.
قالت الطيور للهدهد: ماذا تقصد بوادي الحكمة؟
قال لهم: لا أعلم شيئاً, جدي أخبرني في الرؤيا أن هذا الوادي اسمه وادي الحكمة.
بدأت الطيور تبحث وتبحث, لكنها لم يطل بحثهافقد قررت كالعادة أن تبحث عن سر الوادي في اسمه. وفعلا تحلقت الطيور حول الهدهد وبدأتتبحث،ما هو سر الحكمة؟ ماذا تعني الحكمة؟ كيف نحصِّل الحكمة؟
تكلموا بضع ساعات... من دون جدوى. الجميع أصابه التعب والتوتر والجوع, كل الوديان جرداء خالية من الغذاء والماء وفيها قليل من الهواء, وليس أمامهم من حل إلا الخروج من الوادي.
الباز المعروف بحكمته قال لهم: أجيبوني بداية ما هي الحكمة؟
الجميع قالوا له: الحكمة هي عصارة المعرفة.
قال لهم: إذاً علينا أن نحصل معرفة كبيرة لكي نحصل على عصارة المعرفةوهي الحكمة.
قالوا له: نعم, حقيقة يجب أن يكون لدينا معرفة كبيرة لكي نحصل عصارة المعرفة وهي الحكمة.
قال: وكيف حصلنا المعرفة؟
قالوا: حصلنا المعرفة بالسؤال.
قال:إذاً الحكمة تأتي بكثرة السؤال.
تنبه الهدهد وقال لهم: لا تفعلوا ما فعلتموه  في الوادي الثالث, فوراً ابدؤوا  بطرح الأسئلة, وهنا لن يكفيكم سؤال واحد, عليكم أن تطرحوا الكثير من الأسئلة.
الجميع بدأ يطرح الأسئلة... البعض كان يسأل أسئلة سخيفة... الهدهد ينظر إليه بقلق ويقول له: ما هذا السؤال؟ لكن البعض كان يطرح أسئلة عميقة... وهكذا فالجميع يسأل ويسأل, ولم يحدث شيء... وهذا ما أعاد الخوف والتوتر والقلق إلى الجميع، وبعد ساعات من التساؤل صمت الجميع ولم يعد لديهم ما يسألونه، وهنا الطامة الكبرى!
الهدهد خائفا: ليس لدينا أي سؤال؟! ثم استحثهم وقال لهم يجب أن تسألوا...
وفعلا عادوا مرة أخرى وبدؤوا يسألونويسألون، ولكن من دون جدوى... البعض بدأ يسأل أسئلة عميقة: كيف.. لماذا.. أين.. لمَ... من... وهكذا، استمروا واستمروا بطرح الأسئلة حتى حدث ما كانوا يتمنونه، فقط وفقط الطيور التي طرحت أسئلة عميقة أسئلة تورث معرفة وحكمة، هي الطيور التي تدخلت القوة الخفية وأخرجتها من الوادي الرابع، وأدخلتها إلى الوادي الخامس... باقي الأصدقاء وللأسف الشديد بقوا سجناء في الوادي الرابع وربما إلى الأبد.
في الوادي الخامس, الهدهد تعلم الدرس جيداً, لن يحزن على أحد, كل يحمل مسؤوليته, كان يجب أن يكونوا على مستوى الحكمة, بما أنهم حصَّلوا المعرفة كان يجب أن يصلوا إلى مستوى الحكمة. لذا قال لأصدقائه: هلموا إلي! هذا الوادي اسمه وادي الحيرة.
اسم الوادي صدم الجميع، حتى أن أحد الطيور قال: أيها الهدهد أبعد الحكمة حيرة؟!
 قال الهدهد: نعم يا صديقي, وما أقساها حيرة الحكماء, إن الحكيم إذا احتار كاد أن يجن.
نظر الجميع إليه بتوتر وقلق، فهذا الوادي يحمل صفة غريبة, الكل شعر بنوع جديد من المشاعر، يا إلهنا لماذا هذه الحيرة؟! منذ البداية ونحن نعرف هدفنا, لماذا الآن حقيقة نشعر وكأن الغاية أصبحت مشوشة؟!
قال لهم الهدهد: اصبروا هو وادي الحيرة, وعلينا أن نحل سره كما الوديان السابقة.
بدؤوا يفكرون في الحيرة... لماذا نحن محتارون؟ هدفنا قد حددناه ثم عشقناه،وعرفنا أين يكمن النور وحصلنا الحكمة بمزيد من الأسئلة الحقيقية العميقة, لماذا الحيرة إذا؟! 
ومرت بضع ساعات كاد التعب والقلق فيها أن يهلكهم، هذا عدا عن والجوع والعطش.
وقف الشاهين بصمت وهدوء وقفة غريبة, فنظر إليه الهدهد وقال له: ما بك يا صديقي, قال له: أنا منذ البداية يحيرني أمر, علّ وعسى أن يكون حلاً لمشكلتنا!
الهدهد: تفضل يا صديقي قل ما عندك.
الشاهين: أنا محتار من شيء, إذا وصلنا إلى أرض النور وقابلنا الطائر النوراني واقتبسنا من نوره،وأصبحنا نورانيين،وتمتعنا بالسعادة الأبدية, ماذا سنفعل بعدها؟! ألن تصبح حياتنا مملة بعد ذلك؟!
نأن الغاأـنالهدهد نظر إلى الشاهين نظرة عميقة وقال له: من أين أتيت بهذا السؤال؟
الجميع أدرك أن هذا هو سبب الحيرة.
فطالبهم الهدهد أن يجيبوا, نعم إذا وصلنا إلى أرض النور وتمتعنا بالسعادة الأبدية ماذا سنفعل بعدها؟! هل سيصبح للحياة أي طعم؟!
كل الطيور بدأت تفكر بالإجابة, لكن الحمامة وحدها من تكلم، واقترحت عليهم حلاً.
الحمامة: ما رأيكم إذا وصلنا إلى أرض النور واستمتعنا بالسعادة الأبدية أن نعود إلى الغابة وننشر النور بين أصدقائنا؟
أعجب الهدهد بهذه الفكرة وقال لهم: أنا موافق, فهذا حل يزيل حيرتنا, نعم نعود إلى الغابة ونبدأ بنشر النور.
الأمر الذي صدم الهدهد ولم يحسن استيعابه، أن بعض الطيور صرخت بصوت عالٍ وبحزم: لا, نحن الذين غامرنا, نحن الذين دفعنا الثمن, نحن الذين كدنا أن نموت ونسجن في الوديان عدة مرات, هل تريدنا أن نعود إلى الغابة وننشر النور بين الجبناء والكسالى؟!
قال الهدهد: يا إخوتي أنتم ستتمتعون بالسعادة الأبدية،لن تخسروا شيئا إذا عدتم إلى الغابة وساعدتم الآخرين.
قالوا له: لا, لن نعود.
انقسمت الطيور إلى قسمين: قسم وافق على أن يعود إلى الغابة وينشر النور, وقسم آخر رفض وبحزم: لا, لن نعود إلى الغابة, لن نعطيهم من نورنا أبداً, لن نعود إلى الغابة, هم يستحقون الظلم والظلام.
وحدث أسوأ ما توقع الهدهد... فقط وفقط الطيور التي وافقت على العودة إلى الغابة ونشر النور بين الجميع هي التي بدأت تصعد، القوة الغريبة ترفعها وتدخلها إلى الوادي السادس.
في هذا الوادي عاد الغضب إلى الهدهد، كان يصرخ قائلاً: لماذا؟ إنهم لن يخسروا شيئاً،  كانوا سيتمتعون بالسعادة الأبدية, لماذا لا يعطون الآخرين شيئاً منها؟!
الباز قال له: يا صديقي دعك منهم, ألم تقل لكلّ خياره؟! ربما يفهمون يوماً من الأيام ويخرجون من الوادي... الهدهد جابر نفسه ورضي بهذه الحجة وقال له: حسناً هذا هو الوادي السادس, وادي الحقيقة.
عندما لفظ الهدهد كلمة (الحقيقة) لفظها بطريقة أخافت وأقلقت الطيور, فقالوا له: ماذا تقصد؟! قال لا أقصد شيئا, كل ما أخبرني به جدي أن اسمه وادي الحقيقة, وكل ما أعلمه من حياتي أن الحقيقة مرة.
بدأت الطيور تبحث عن الحقيقة... لا يوجد شيء في الوادي... الحقيقة أننا سجنا في الوادي وعلقنا به, هكذا كان لسان حالهم، اقتربنا من النهاية وليس لدينا حل...
أنثى الشاهين انتبهت وقالت لهم: ألم تلاحظوا أننا في كل مرة نخرج من كل واد بسؤال؟ تعالوا نفكر ما هو السؤال الذي يوصلنا إلى الحقيقة؟
الجميع قال: استنفدنا كافة الأسئلة في وادي المعرفة والحكمة،وأنقذنا الشاهين في وادي الحيرة عندما سأل سؤاله العميق: ماذا سنفعل بعد أن نصل إلى أرض النور...؟ هل بقي عندنا من أسئلة؟!
لاذالجميع بالصمت... لا يوجد سؤال...! لا توجد معرفة...! لا توجد حقيقة...! الجميع صامت،والبعض كاد أن يستسلم... هذه هي النهاية...! هذا هو الوادي الأخير لن نخرج منه!
لكن الشاهين كان يهمهم ويقول أنا لدي سؤال... التقت عيناه بعيني الهدهد،وكأن الهدهد بفراسته وحدسه أدرك مايريده الشاهين، فقال له:يا صديقي أرجوك أن تصمت، إن سؤالك سيقتلنا.
قال الشاهين: لن أصمت... سأقول وربما هو الحل...
الهدهد قال له: أرجوك أن تصمت.لأنه أدرك ماذا يريد الشاهين. حيث كان يعلم أن كرامة الشاهين قد مرغت عدة مرات في الغابة، ويعلم أنه يحمل غضباً هائلاً جداً، وحقداً دفينا على أعدائه، وعندما وافق أن يشارك في الرحلة وافق لكي يتخلص من كل آلامه وليس فقط من الظلم والظلام...
الطيور صرخت في الهدهد مستنكرة: لماذا تسكته, دعه يتكلم, ربما يكون كلامه هو الحل.
استسلم الهدهد لرأي الأغلبية وقال له تفضل قل ما تريد.
تكلم الشاهين متمهلاً: في الوادي السابق اتفقنا أن نعود إلى الغابة وننشر النور فيها, قالوا له نعم اتفقنا.
الهدهد صرخ به وقال: لقد اتفقنا وانتهى الأمر.
قال الشاهين اتفقنا نعم،ولكن الأمر لم ينتهِبعد. نحن لم نتفق بين من سننشر النور.
الهدهد قال: اتفقنا أن نعود إلى الغابة وننشر النور بين الجميع.
قال الشاهين: نعم، اتفقنا أننا سنعود إلى الغابة وننشر النور،لكن ماذا تقصد بين الجميع، هل تقصد حتى الأعداء؟
أنثى الشاهين أدركت الخطر... فقفزت إلى جانب زوجها وقالت له: يا زوجي العزيز لقد اتفقنا،سنعود إلى الغابة وننشر النور بين الجميع، ولن نفرق بين أحد.
همس الهدهدفي أذن الشاهين قائلاً: هناك من لا يستحق النور ولن يحصل عليه حتى لو أعطيته إياه، فاطمئن هؤلاء الذين تعنيهم لن يستجيبوا له.نحن سنوصل النور إلى الجميع، وسيأخذه فقط من يستحقه.
الشاهين قال: لا, لن أوصل النور إلى الجميع, سأوصله فقط إلى أصدقائي, أنا سامحتهم لأنهم تقاعسوا وتخاذلوا, أما البقية فلن أسمح للنور بأن يصل إليهم.
بعد بضع ساعات من الجدل الساخن حصل أسوأ ما كانت تتمناه أنثى الشاهين، في هذا الوادي كانت آخر مرة ترى فيها زوجها، فالقوة الخفية تدخلت ورفعت فقط من وافق على العودة إلى الغابة ونشر النور بين الجميع، وأدخلتهم إلى الوادي السابع.
الشاهين وبعض الأصدقاء بقوا سجناء في الوادي السادس وربما إلى الأبد.
في الوادي السابع كان الأمر غريباً، كان وادياً منبسطاً ويلوح النور من آخره، هذا هو  الوادي الأخير...
عندما شاهدت الطيور النور يشع من مخرج الوادي، نسوا سر الوادي، وبدؤوا بالاقتتال للخروج أولا والدخول إلى طائر النور.
صرخ الهدهد: إياكم! لا تخرجوا حتى تعرفوا السر، هذا وادي الاستنارة, وله سره، انتبهوا!
لكن الوادي كان مفتوحا وكان النور يشع من آخره, وأغلب الطيور بدأت تتقاتل علىمن يدخل أولا إلى أرض النور.
أدرك الهدهد بذكائه وحدسه شيئا مهما, فقال لهم: من كان يحب أخاه فليدخله أولاً إلى حضرة طائر النور.
لكن للأسف الشديد لشدة شوق الطيور إلى رؤية طائر النور فقد تقاتلت فيما بينها وضرب بعضها بعضاً، حتى إنهم مزقوا بعضهم البعض، فكلهم يريد أن يدخل أولاً إلى حضرة طائر النور.
وحصلت مفاجأة غريبة... كل الطيور التي تقاتلت لكي تدخل أولاً كانت تقع صريعة في أرض الوادي، فقط وفقط الهدهد ومعه ثلاثون طائراً الذين تراجعوا إلى الخلف ولم يشاركوا بالاقتتال, وسمحوالأصدقائهم أن يتقدموا،هم الذين رفعتهم القوة الغريبة وأدخلتهم إلى أرض النور، أما باقي الطيور فقد وقعوا سجناء في الوادي السابع وربما إلى الأبد.
فقط ثلاثون طائراً وصلوا إلى أرض النور!
لا أحد يعلم ماذا حصل من شدة التعب والإعياء, فالجميع وقع علىأرض النور مغشياً عليه, ولا أحد يعلم كم المدة التي أمضوها وهم غائبون عن الوعي...
الهدهد كان أول من استفاق، وقف على قدميه وأدرك أنهم من التعب وقعوا صرعىمغشيا عليهم، وبدأ يتلفت حوله، فوجد أصدقاءهمازالوا نائمين وربما موتى, لا يدري!
لكن المصيبة أنه تلفت حوله... فلم يجد شيئا... لا يوجد طائر النور!... لا يوجد طائر النور!... يا إلهي!أكان كل ما رأيته أضغاث أحلام؟! لقد ورطت بضع آلاف من أصدقائي، أبقيتهم سجناء في الوديان وتعبنا وقلقنا حتى وصلنا إلى أرض النور ولا يوجد شيء؟!
الهدهد يتمنىالآن شيئا واحدافقط وهو أن يموت قبل أن يفيق أصدقاؤه ويكتشفوا الحقيقة.
وفعلا استفاقت الطيور وأدركت الحقيقة المؤلمة...
أنثى الشاهين نظرت إليه وقالت له: سأقتلك، لقد خدعتنا...
الهدهد كان يعلم أن ضربة واحدة من منقار أنثى الشاهين تكفي لتحويله إلى أشلاء،لم يكن هذا ما يخشاه... كان ما يخشاه هو الألم الذي بداخله،كيف ورط أصدقاءه برؤيا كانت أضغاث أحلام؟!
ابتدأت أنثى الشاهين بالاقتراب نحو الهدهد من اليمين، والباز يقترب من اليسار وهو يقول للهدهد: أضغاث أحلام؟! أتهزأ بي؟! ألا تعرف أنني من كان يقول في الغابة:
أنا الباز أعلو طيور السماءوأحمل عشي بقلبي الجريح
ولست أصاحب إلا الضياء ولي عالمٌ في المعالي فسيح
ويوماً سأعبر حدود الفضاء وأغرق في النورِ كي أستريح
أعندما يتحقق حلمي أكتشف أنك خدعتنا؟!
طأطأ الهدهد رأسه وأغمض عينيه واستعد للموت... كان هذا أقصى ما يتمناه.
وفعلااقتربت أنثى الشاهين أكثر فأكثر، والباز كذلك... الهدهد يكلم نفسه: إنها ضربة واحدة وينتهي كل شيء.
لكن عندما وصلوا إليه تفاجأ وهو مغمَضَ العينين مطأطَأَ الرأس أن أنثى الشاهين أصبحت تهمهم في ألفاظ غريبة, والباز أيضاً يهمهم في ألفاظ غريبة, انتظر الهدهدالضربة وانتظر ولكن لا شيء حدث! سوى همهمات أنثى الشاهين والباز، ففتح عينيه ورفع رأسه ونظر إلى أنثى الشاهين فإذا بها تشع نوراً... ثم التفت إلى الباز فإذا به يشع نورا أيضا... نظر إلى نفسه... يا إلهي! هو أيضاً يشع نوراً... نظر إلى باقي الأصدقاءفإذا بهم كلهم يشعون نوراً... ماذا حصل؟! هنا اكتشف الهدهد السر... طائر النور ليس طائراً سيرونه... طائر النور هو طائر سيصبحونه.
من أرض النور إلى ظلام الغابة:
في صباح يوم مشرق جميل، وقف ملك الغابة على شرفة قصره يتأمل السماء، يزمجر بصوت مكبوت، بادٍ عليه التوتر والقلق. إلى جانبه وقف مستشاره الأمين، الثعلب المكار، الذي قال له: أيها العظيم ما بالك؟ أراك متعباً مهموماً؟
ملك الغابة: انظر أيها الغبي إلى السماء، ألا ترى ما أرى؟
الثعلب: يا سيدي لا أرى شيئا غير عادي. ما الذي أقلقك؟
ملك الغابة: أيها الغبي الأعمى! انظر جيداً، ألا ترى سرب الطيور الذهبية ذاك؟
الثعلب: نعم  يا سيدي أراه، ولكن ما الذي يقلقك فيه؟
ملك الغابة بدأ يعد الطيور التي في السرب وعرف أنها ثلاثون طائرا. فقال للثعلب: إن الأسلاف أخبرونا أن طائر النور واحد، هل تستطيع أن تخبرني كيف أصبحوا ثلاثين؟
الثعلب: يا سيدي لم أفهم شيئا بعد، إن كانوا ثلاثين أو ثلاثمائة، ما علاقتنا بالأمر؟
ملك الغابة: أيها الجاهل، إن الأسلاف أخبرونا أن طائر النور إذا نزل في الغابة فما علينا إلا الرحيل. فكيف إذا أصبحوا ثلاثين؟ 
الثعلب: أيها المبجل، ما عليك، إذا فكرت الطيور أن تنزل في غابتنا فسنقتلها فوراً.
ملك الغابة: آه من غبائك وقلة خبرتك! أيها المسكين، وهل يمكن قتل النور؟
دخل ملك الغابة إلى مخدعه، وكله أملٌ واحد أن هذا السرب سيهبط في غابة أخرى وليس في غابته. ولكن ما حدث هو أسوأ ما توقعه الملك، حيث بدأ الهدهد وأصدقاؤه الثلاثون يهبطون إلى أرض الغابة ويباشرون مهمتهم المقدسة التي تعاهدوا عليها.
فبعد أن أخذوا قسطاً من الراحة، ذكرهم الهدهد بعهدهم الذي تعاهدوا عليه، حيث قال لهم: أيها الأصدقاء، ها قد وصلنا إلى أرض النور، وأصبحنا نورانيين بعد أن عرفنا أن طائر النور ينبع من داخلنا شرط أن نبذل الجهد اللازم لإخراجه، وأنتم الذين بذلتم الجهد اللازم ونلتم شرف الاستنارة الأبدية، بقي عليكم أن تزكُّوا نوركم وتنشروه بين الجميع.
من دون تقاعس، الجميع لبى النداء وانطلقوا كسرب واحد مشع في وضح النهار باتجاه الغابة التي خرجوا منها، وهدفهم واحد هو نشر النور بين الجميع. وكان لهم ما أرادوا، كيف لا وهم أصحاب الإرادة الصلبة التي أخرجت النور من مكمنه وأصبح مشعاً في الكون، ينير درب كل مريد.
بدأت الغابة تتغير وتتغير، ظهر فيها الكثير من نقاط النور المشع، بعد أن كان الظلام يسودها ليل نهار، ونقاط النور تنتشر أكثر فأكثر مبشرة بزوال عهد وسيادة عهد جديد من الخير والنور والبركة.
أعوان الملك وخاصته، دخلوا عليه فزعين قائلين أيها العظيم المبجل: هناك أمر جلل يحدث في الغابة، لا نطيق له فهماً ولا ردا!
تفاجأوا أن يروا مليكهم العتيد يحزم حقائبه ويستعد للرحيل.
أحد مستشاريه: أيها المبجل لماذا لماذا تحزم أمتعتك؟ إلى أين الرحيل؟
ملك الغابة: أيها المساكين، إن الأسلاف أخبرونا أن طائر النور إذا هبط إلى الغابة، فما علينا إلا الرحيل.
أحد المستشارين: أيها الملك، هذه مجرد أسطورة، حكيت لنا ونحن صغار.
ملك الغابة: ليست أسطورة أيها المسكين، إنها الحقيقة المرة.
وقف المستشارون والمعاونون وقادة الجند وقفة واحدة في وجه الملك، وقالوا له: انتظر دعنا نحصل على فرصة لنواجههم ونقاتلهم ونقتلهم ونطفئهم.
ملك الغابة: أيها المساكين، وهل يُقتل النور؟ وهل يُطفئ النور؟ 
أصر المستشارون والمعاونون وقادة الجند على موقفهم، وشعر الملك أنهم لم يفهموا حقيقة الأمر، وخشي أن يعيقوا هروبه، أو حتى يقتلوه، وكان يحمل في نفسه طمعاً ورغبة في السلطة لا يقاومان، فقال لهم: حسنا، لكم تلك الفرصة، افعلوا ما بدا لكم، معكم كل الصلاحيات، وتحت تصرفكم كل إمكانات مملكتي.
خرج الجمع الهائج الحاقد، وقد عقدوا العزم على منع انتشار النور، ولو استلزم ذلك  تدمير الأرض ومن عليها. وبالفعل أخرجوا أبشع ما في جعبهم من حقد ودمار وهلاك علَّهم يطفئوا نور الغابة الجديد. ولكن من دون جدوى.
كانوا إذا ضربوا الطائر النوراني بالسيف فإنه ينشطر إلى نصفين، ويستمر كل نصف بالإضاءة ونشر النور. كانوا إذا وضعوا أحد طيور النور في السجن، يستمر بالإضاءة ناشراً نوره خلف القضبان. كانوا إذا أهالوا الصخور والتراب على أحد طيور النور، استمر يشع نورا من تحت ركام الصخور والتراب، حتى عجزوا عجزاً تاماً.
عادت طغمة الإجرام إلى قصر الملك لتخبره بنبأ الفشل الذريع الذي أصابهم. ملك الغابة أجاب بأسى عميق: ألم أقل لكم. كيف يُقتل النور؟! كيف يُطفأ النور؟!
أصدر ملك الغابة أوامره للجميع، بحزم حقائبهم والاستعداد الفوري للرحيل.
أحد مستشاريه كان دوماً صامتاً منذ بداية المصيبة، اقترب من الملك وهمس في أذنه ببضع كلمات. بعدها قال الملك: يا لها من خطة جهنمية! كيف لم تخطر لي على بال؟! لينتظر الجميع، اذهب أيها البطل ونفذ خطتك ولك كل ما تريد.
خرج هذا المستشار وبدأ بتنفيذ خطة سرية لا أحد سواه والملك يعرف ما هي! فقط الجميع عرف بعد ذلك أن الخطة بدأت تنجح وأن شيئا ما بدأ يختلف في الغابة، وأن النور بدأ يضطرب شيئاً فشيئاً... ولا أحد يعرف كيف أو لماذا؟!
كان الهدهد أول من عرف ما يحصل في الغابة، وأول من أدرك سر الاضطراب الذي حصل في النور المنتشر، فسارع  فورا لدعوة أصدقائه الثلاثين لاجتماع عاجل، وأخبرهم بخطة الملك الجديدة، وأعطاهم الطريقة الناجعة لمواجهتها.
انفض الاجتماع سريعاً، وذهب كل طائر نوراني في اتجاه لينفذوا ما اتفقوا عليه، لإفشال خطة الملك، واستمرار نشر النور بين الجميع.
الهدهد وقف يتأمل قليلاً في أي اتجاه يذهب.
ولكن طائراً صغيرا قطع عليه تأمله متسائلاً: أيها الهدهد، يا نور غابتنا، قل لي ماذا حصل؟ لماذا لم أعد أستمتع بالنور كما أخذته منك؟
الهدهد أجاب بهدوء وثقة: يا أخي العزيز، إن الملك قد طبق خطة جديدة ناجحة لتشويه حقيقة النور في الغابة، وهذا سبب الحالة التي أنت فيها.
الطائر الصغير: وما هي هذه الخطة أيها النور؟
الهدهد: إن الملك نشر نوراً مزيفاً في الغابة من أجل أن يشتت النور الحقيقي، ويترك كل من في الغابة في حيرة من أمرهم بين النور المزيف والنور الحقيقي.
الطائر الصغير: وكيف أفرق بين النور المزيف والنور الحقيقي؟
الهدهد: يا أخي العزيز، هناك أربع طرائق للتفريق بين النور المزيف والنور الحقيقي.
الطريقة الأولى، أن النور الحقيقي إذا ضربته بالسيف انشطر لقسمين واستمر كل قسم بالإضاءة ونشر النور.
الطريقة الثانية، أن النور الحقيقي إذا وضعته في السجن، استمر في الإضاءة من خلف قضبان السجن.
الطريقة الثالثة، أن النور الحقيقي إذا دفنته تحت الصخور والتراب، استمر بالإضاءة من تحت الصخور والتراب.
الطريقة الرابعة، أن النور الحقيقي...
في هذه اللحظة، وصل أحد أعوان الملك وضرب الهدهد بالسيف فشطره لنصفين. فاستمر كلا النصفين بالإضاءة، وذهب كل شطر باتجاه. الطائر الصغير لحق أحد الشطرين وهو يصرخ: أيها الهدهد، ما الطريقة الرابعة للتمييز بين النور المزيف والنور الحقيقي؟
ما الطريقة الرابعة للتمييز بين النور المزيف والنور الحقيقي؟
ما الطريقة الرابعة للتمييز بين النور المزيف والنور الحقيقي؟
وإلى اليوم، هذا الطائر الصغير ما زال يبحث ويسأل:
ما الطريقة الرابعة للتمييز بين النور المزيف والنور الحقيقي؟
مرت الأيام والأسابيع والشهور وصديقنا الطائر الصغير مازال يبحث عن الطريقة الرابعة للتمييز بين النور المزيف والنور الحقيقي. فلا هو استطاع أن يعرفها بنفسه، ولا هو وجد من يرشده إلى مبتغاه.
مبلغه من العلم والحكمة لم يساعداه على التخفيف من شوقه المؤلم إلى الوصول إلى الحقيقة الكاملة. فكم تحسّر على فوات الفرصة مع الهدهد! وكم ردد بصمت وحسرة: ماذا لو تأخرت إصابة الهدهد بضع ثوان فقط؟! ماذا لو توقف الهدهد قليلاً ليكمل لي الحقيقة؟!
ماذا أفعل؟ يسأل نفسه... لماذا أشعر بالحزن والحيرة وقد قبلت النور وأخذته من طائر النور مباشرة؟!
لماذا أثر بي النور المزيف؟!
ألم يكن جديراً بي أن أُبقيَ أثر النور الحقيقي صافياً نقياً في مهجتي؟!
ثم هل أنا من خلط بين النورين؟!
فجأة وجدت نفسي حائرا مشوشاً! هل لأني لا أستحق النور الحقيقي؟!
هل هذا عقابي لأني رفضت الخروج معهم إلى أرض النور؟!
ولكن ما حيلتي؟! أنا أصغر الطيور في الغابة وأقلها تحملاً لمشاق هكذا رحلة، وربما لو خرجت معهم لهلكت في الطريق!
ولكن هاهو البلبل الغرّيد، فقد خرج وعانى وصمد حتى عاد نوراً مشعاً يسرح ويمرح في الغابة، يؤدي دوره ورسالته، ولا أحد قادر على إعاقته!
ألم يكن يجدر بي الخروج مثله؟!
على كل حال هذا ما حصل، فهل هذه هي النهاية؟!
هل كتب عليّ أن أمضي بقية عمري حاملاً هذه النار الحارقة في قلبي؟!
ولكن أليس في قلبي النور الحقيقي أيضاً؟!
أليس هو السعادة الأبدية؟! هكذا قال لنا الهدهد قبل بدء الرحلة.
هم يتمتعون بهذا النور، يعيشون بصفاء ونقاء وأمان، ورغم كل ما يحيط بهم من مخاطر وأهوال، فهم مستمرون برسالتهم وكأنهم سادة الكون وقادته.
لا يهمهم مَنْ عاداهم، والغريب أنهم لا يعادون أحداً!
هم فقط ينشرون النور... يقولون إنهم يستخدمون طاقتهم وليس قوتهم، ولكن كيف لا أعلم؟!
ماذا يعني أن يستخدم كائن ما طاقته وليس قوته؟
هل فهم هذا أمر معقد إلى هذه الدرجة؟! هل هذا هو الطريقة الرابعة؟
ما أراه في الغابة أن فقط طيور النور الحقيقية الثلاثين تفعل فعلاً عجيباً من دون جهد يذكر، هم فقط ينظرون في عينيك، فيحدث فيك ما لا يوصف... فتصبح ترى أشياء جديدة لم تكن تراها من قبل، وتشعر بما لم تكن تُلقي إليه بالاً من قبل... ثم فجأة تتوقف عن الحيرة والخوف والقلق، وفجأة تصبح جزءاً من هذا العالم النوراني، وتجد نفسك راضياً عن كون جميل لا تجد فيه عيباً ولا خللا، ثم تتوقف عن التذمر والنقد والتقييم، ويصبح كل ما في الكون مثلك.
يا إلهي...! أهكذا تتم الأمور بهذه البساطة؟!
أهكذا بسهولة؟! تصبح طيفاً يجوب أرجاء الكون برضا وتسامح! ولكنهم حولك يريدون قتلك! من أين أتى الهدهد وأتباعه بهذه الطمأنينة؟! وكل ما حولهم من أتباع الملك يريدون سحقهم وتهشيمهم! ويستخدمون كل ما لديهم من قوة وجبروت، فيردون عليهم بنظراتهم الساحرة!
ولكن الهدهد نظر إلي هذه النظرة، فشعرت بلذة الانتقال والتحول والصفاء والنقاء، ولكن فجأة اضطرب كل شيء، لماذا؟!
لماذا عدت إلى الشك والتقييم والتساؤل عن الصحيح وغير الصحيح؟
هل تأثرت بالنور المزيف...؟ ربما، ولكن أبَعْدَ الهدى الضلال؟!
أجابه صوت قريب، قريب جداً: نعم بعد الهدى الضلال! وبعد الحكمة حيرة! ألم تسمع ما حصل مع الهدهد ورفاقه؟
الطائر الصغير: من أنت؟ وكيف سمعت تساؤلاتي؟
بصوت هادئ: أنا ملاكك الحارس... وأنت تتكلم بصوت عال منذ فترة.
الطائر الصغير: ولكنك نور مشع، ولم أرك تقترب أبداً، ولم أسمع خطاك!
الملاك الحارس: أنا لم آت...، أنا لم أقترب...، أنا هنا دائماً...!
الطائر الصغير: كيف!! كيف أنت هنا دائماً! ولم أشعر بك من قبل؟!
الملاك الحارس: لم تشعر بي لأنك تبحث خارجك دائما.
الطائر الصغير: كيف هذا؟! وأين أبحث إذاً؟ ثم ماذا تقصد؟ لقد أخفتني.
الملاك الحارس: اطمئن، خلقني الله لمساعدتك، أنت فقط انظر في داخلك. كنتُ دائماً هنا ولكنك لم تعطني فرصة! والآن أشفقت عليك أن تُهلك نفسك حسرة وحرقة بحثاً عن الحقيقة خارجك من دون جدوى، فقط أعطني الفرصة لأساعدك.
الطائر الصغير: كيف تساعدني وأنت لا تعرفني؟ وأنا... وأنا لا أعرفك؟
الملاك الحارس: آه منك... أنا أنت، وأنت أنا... ألا تشعر بي الآن؟
الطائر الصغير: نعم أشعر، ولكن أين كنت طيلة عمري؟! وأنت تدعي أنك ملاكي الحارس...! وهو يبكي: لقد عانيت الكثير! لماذا تخليت عني؟! لماذا لم تساعدني؟!
الملاك الحارس: أقسم إني لم أتخل عنك، أنت من تخلى عني، طيلة عمرك تبحث خارجك عن الأجوبة، وتهملني وحيداً منبوذاً لا مكان لي في حياتك، وكل ما تراه هو عالمك الخارجي. انظر الآن إلى نفسك، إلامَ توجه عينيك؟ أمازلت تبحث عني في الخارج؟! أنا هنا، ادخل بهدوء وطمأنينة وستراني في خدمتك. دع مخاوفك، وتساؤلاتك خارجاً، فقط ادخل وسينتهي كل شيء.
الطائر الصغير: تقصد أنه يمكنني أن...
الملاك الحارس: نعم، يمكنك...
الطائر الصغير: وهذا الذي حصل؟ حصل لأن الـ ...!
الملاك الحارس: نعم حصل لأن الـ...
الطائر الصغير: إذا علينا أن...
الملاك الحارس: نعم علينا أن...
الطائر الصغير: سوية...!
الملاك الحارس: نعم نبقى سوية دائماً.
الطائر الصغير: ولماذا لم تخبرني بذلك من قبل؟
الملاك الحارس: لأنك لم تستدعني! فأنا لا أخرج وحدي إلا بعد معاناة.
الطائر الصغير: ماذا تقصد؟
الملاك الحارس: أقصد أني، كما قلت لك قبل قليل، أنا كنت دوماً بداخلك، ولكنك لم تلتفت إلي ولو لمرة واحدة.
الطائر الصغير: كل هذه السنين! وكل هذه المعاناة! وكل شيء موجود بداخلي! وأنا لا أعلم شيئا! أبحث خارجي من دون جدوى!
الملاك الحارس: للأسف نعم. ولكن المهم أنك وصلت.
الطائر الصغير: نعم هذا المهم... وعليك الآن أن تجيبني عن...
الملاك الحارس: عن ماذا؟
الطائر الصغير: قبل أن أسألك، هل أستطيع أن أثق بما ستقوله لي؟
الملاك الحارس: يا إلهي! ألم أثبت لك ذلك قبل قليل؟! ألم أخبرك بأشياء...؟
الطائر الصغير: نعم لقد فعلت، وحقيقة لقد أذهلتني...
الملاك الحارس: إذا اسأل ماذا تريد؟ اختبرني... لا تتردد. 
الطائر الصغير: بصراحة كنت أريد أن أسألك عن الطريقة الرابعة، ولكني بعد إرادتي تلك عرفت الإجابة، نعم، بعد الإرادة عرفت الإجابة.
الملاك الحارس: أرأيت! أعطيتك إجابة أم لا؟ فقط قرر أن تريد...
الطائر الصغير: ولكني خائف!
الملاك الحارس: ممَّ تخاف؟
الطائر الصغير: كيف أتأكد أنها الإجابة الصحيحة؟
الملاك الحارس: انظر إلي... أقصد إلى نفسك... هل تأكدت؟
الطائر الصغير: حسنا! وكيف أطبق هذا؟ ربما تهت في الطريق؟
الملاك الحارس: اسمعني جيداً... لقد عرفت الطريقة الرابعة التي تميز بها بين النور المزيف والنور الحقيقي، ولكنك متشكك أن معرفتك الداخلية صحيحة أم لا، لهذا يبدو عليك أنك ستورطنا بخوض اختبار حاسم لا رجعة فيه.
الطائر الصغير: أي اختبار؟ هل هو صعب؟
الملاك الحارس: مؤلم، لكنه ليس مستحيلاً.
الطائر الصغير: هل لأني شككت، علي أن أخوض اختباراً مؤلماً؟
الملاك الحارس: نعم، لأنك شككت.
الطائر الصغير: وما هو هذا الاختبار؟ لا لا لا تقل ذلك...!
الملاك الحارس: آها... أرأيت! بدأنا نفهم على بعضنا.
الطائر الصغير: مستحيل لقد خفت ورفضت منذ البداية، ولم أخرج معهم. يستحيل أن أخرج  وحدي... إنها سبعة وديان... ويقال إنها موحشة، وووو أسرار... وربما...
الملاك الحارس: إذا، إن كان ولابد... فعليك أن تجتاز اختباراً موازياً.
الطائر الصغير: ألا يمكن من دون اختبار؟
الملاك الحارس: لا، لا يمكن... عليك أن تدرس القوانين الكونية لتغيير ما بالأنفس، وتطبِّقها كلها.
الطائر الصغير: أعتقد هذه بسيطة... وأين أجدها؟ ها أين؟
الملاك الحارس: أيها المسكين، عليك أن تكتشفها بنفسك.
الطائر الصغير: وهل ستساعدني؟
الملاك الحارس: وهل تستطيع من دوني؟ أنسيت أننا واحد؟
الطائر الصغير: حسناً! ومن أين أبدأ؟ أخبرني...
الملاك الحارس: آه منك، أخبرني أنت.
الطائر الصغير: صدقني أنا مازلت تائهاً، أخبرني أنت.
الملاك الحارس: أخشى يا نفسي أن علينا أن نخوض تجربة الوديان، ولكن من دون وديان هذه المرة، ومن دون أسر ربما يطول إلى الأبد.
الطائر الصغير: نعم هكذا يبدو، ولكن مرارة الفشل، هي أسر أيضاً.
الملاك الحارس: كيف عرفت؟ قرأت أفكاري!
الطائر الصغير: ها ماذا تقصد؟ آه أنا وأنت نتكلم كواحد.
الملاك الحارس: ألم أقل لك؟!
الطائر الصغير: حسن اقتنعت بك، ولكن من أين أبدأ؟
الملاك الحارس: عدنا للفصل بين الواحد ونفسه... قصدك من أين نبدأ؟
الطائر الصغير: آسف والله لم أعتد بعد على اللغة الجديدة. طالما عودتنا اللغة التي تعلمناها على الفصل... لكن، صحيح هل اللغة تكره الواحد؟ لذلك هي فقيرة به.
الملاك الحارس: أنا أحبه، ولكنك لا تغذيني إلا بمفردات التنوع... أنت السبب.
الطائر الصغير: ها، أنا السبب ولماذا لم تنبهني؟
الملاك الحارس: هل سنعود للعمل منفصلين؟
الطائر الصغير: آه صحيح، أنا أنت من كان يجب أن أنبهه ينبهني!
الملاك الحارس: ماذا تقول؟
الطائر الصغير: هاهاهاهاها  أخترع جملا جديدة للغة الواحد الكل. 
الملاك الحارس: نعم الكل في الواحد... يحتاج إلى لغة جديدة وليس فقط مفردات.
الطائر الصغير: ولكن مازلنا منفصلين نتحاور، نعم بلغتنا الجديدة، لغة الواحد، لكن منفصلين. ما العمل برأيك؟
الملاك الحارس: لا تسألني رأيي، اسأل رأيك ألسنا واحدا.
الطائر الصغير: ما دمنا نستخدم كاف الخطاب، فلسنا واحدا.
الملاك الحارس: ليست المشكلة في كاف الخطاب، المشكلة في عدم الشعور بالواحد.
الطائر الصغير: وماذا نفعل؟ أقصد وماذا أفعل/ تفعل؟
الملاك الحارس: إن الواحد نور وجد نوراً، نور على نور.
الطائر الصغير: إذا أقصد أننا يجب أن...
الملاك الحارس: نعم تقصد بالنور أني يجب أن...
الطائر الصغير: حسنا فأنا الطائر الملاك الصغير.
الملاك الحارس: لم تعد صغيرا، أنا نور.
الطائر الصغير: حسناً، أنا طائر ملاك نور. 
الملاك الحارس: نعم أنا طائر ملاك نور.
الطائر الصغير: أين أنت؟ أين أنا؟
الملاك الحارس: أنا هنا وأنت هنا.
الطائر الصغير: آه! أصبحت هنا يقصد بها هنا حيث الواحد فقط هنا.
الطائر الملاك الحارس: إذا صحيح ما قالته الأسطورة القديمة: أن طائر النور واحد، واحد وليس ثلاثين! نعم واحد، ولو بقي واحدا لما استطاع النور المزيف أن يفعل فعله، نعم لو كنت واحداً لما شككت أبداً.
الطائر الملاك النور: هنا أنا، وسأبحث أين أجد القوانين الكونية؟
الطائر الملاك النور: إذا الطريقة الرابعة للتمييز بين النور الحقيقي والنور المزيف هي هنا أيضاً. وكنت أعتقد أنها هنا فقط. حسنا...! المهم عرفتها هنا، ولن يخدعني أحد بعد اليوم.
الطائر الملاك النور: ولكن كيف أعثر على من يعلمني تلك القوانين؟
الطائر الملاك النور: لا، لا تقل هذا... هي هنا؟ لا يوجد هناك، يوجد هنا فقط.
الطائر الملاك النور: حتى التوحد مع الحقيقة له درجات.
الطائر الملاك النور: يا إلهي ما الدرجات العُلى للتوحد مع الحقيقة؟
الطائر الملاك النور: هل يصبح الكل هنا؟
الطائر الملاك النور: إذا تختفي الأسئلة.
الطائر الملاك النور: ويعم السلام.
الطائر الملاك النور: وتظهر المعرفة.
الطائر الملاك النور: آه! معرفة من دون سؤال؟
الطائر الملاك النور: ولم السؤال؟ الكل هنا.
الطائر الملاك النور: نعم الكل هنا.
الطائر الملاك النور: ما الحاجة إلى القوانين؟
الطائر الملاك النور: لا حاجة لي بها.
الطائر الملاك النور: إذا انتهت الحكاية، وصلنا إلى النهاية؟
الطائر الملاك النور: نعم، ولكن ماذا بعد؟
الطائر الملاك النور: آه مني! هذا سؤال؟
الطائر الملاك النور: عدنا إلى حالة الفصل والتعدد؟
الطائر الملاك النور: إذا حدث هذا، فسنخوض تجربة مرة، للبحث عن القوانين الكونية لتغيير ما بالأنفس، أو علينا خوض تجربة الوديان السبعة.
الطائر الملاك النور: لا يهم، حتى ولو كانت سبعين، سأجتازها.
الطائر الملاك النور: تباشير الفجر بدأت بالانبثاق، إذا تعال نخوض تجربة.
الطائر الملاك النور: ألم يكن الأولى بك أن تبقى واحداً من دون أسئلة؟
الطائر الملاك النور: وهل لهذا خلقت؟!
الطائر الملاك النور: خلقت لأخوض التجربة، نعم خلقت لهذا. هذا سرّي الذي يجب أن أعرفه بنفسي، فالمعرفة الحقيقية ذاتية ولا يمكن أن تكون غير ذلك.


تعليق بالفيس بوك
0 تعليق بالايميل

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

عـــن المـــدونــة

مدونة خاصة بتفعيل الفكر التغييري ، على أساس أن تغيير ما بالأنفس أصبح علما يمكن التحكم به .

عــــن الدكتـــور محمــد إقبـــال

محمد إقبال الخضر - تولد سوريا - دير الزور - 1966--- دكتوراة في الاقتصاد تخصص تنمية وتخطيط . من جامعة حلب . ماجستير دراسات جدوى وتقييم شركات ... مدرس في قسم الاقتصاد - كلية الاقتصاد - جامعة دمشق - مدرب ف ي مجالات التنيمة الإدارية والبشرية

مــن أيــــات الــــذكـر الـحـكـيــــم

    ( ........ وَلَـوْ أَنَّهُــمْ فَعَلُــوا مَـا يُـوعَـظُــونَ بِـهِ لَـكَانَ خَـــيْرًا لَــهُـمْ وَأَشَــدَّ تَــثْبِيــتًا) [سـورة النـساء : 66]
Free Joomla TemplatesFree Blogger TemplatesFree Website TemplatesFreethemes4all.comFree CSS TemplatesFree Wordpress ThemesFree Wordpress Themes TemplatesFree CSS Templates dreamweaverSEO Design